سيكون هناك دم، هو فيلم سينمائي درامي أمريكي صدر في عام 2007 من إخراج بول توماس أندرسون وبطولة سير دانيال داي لويس.
يعد هذا الفيلم واحدًا من أكثر الأفلام شهرة في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، وحظي بتقدير نقدي واسع النطاق.
الفيلم مقتبس من رواية “Oil!” للكاتب الأمريكي أبتون سنكلير، لكنه يأخذ منحىً خاصًا به بعيدًا عن النص الأصلي، مستعرضًا رحلة ملحمية مليئة بالطمع والسلطة والصراع.
تدور أحداث الفيلم في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، وهو يتتبع قصة دانيال بلاينفيو، رجل النفط الطموح الذي يسعى للثراء بأي ثمن.
يبدأ الفيلم برجل واحد يعمل بجد في حفرة نفطية مهجورة، ليصل في النهاية إلى قمة السلطة والثراء، لكنه في الوقت ذاته يغوص في أعماق الفساد والجنون. السيناريو الذي كتبه أندرسون يتميز بالتركيز على تطور الشخصيات بدلاً من تقديم حبكة معقدة. القصة تُروى بشكل بطيء ومدروس، مما يسمح للمشاهدين بتتبع التحولات الدقيقة في شخصية دانيال بلاينفيو وفهم دوافعه المعقدة.
يعتمد السيناريو بشكل كبير على الحوارات المؤثرة والصمت المدروس، مما يعزز الشعور بالتوتر والدراما. الشخصية الرئيسية، دانيال بلاينفيو، لعبها دانيال داي لويس ببراعة استثنائية.
ما رأي النقاد في أداء دانيال داي لويس؟
وصف أداء دانيال داي لويس في هذا الفيلم من قبل النقاد بأنه واحد من أعظم الأداءات في تاريخ السينما العالمية، حيث نجح في تجسيد شخصية معقدة مليئة بالتناقضات.
دانيال هو رجل طموح وقاسٍ، يسعى لتحقيق النجاح بأي وسيلة كانت، حتى لو كان ذلك على حساب إنسانيته، ومن جانب آخر، لعب بول دانو دور إيلي سانداي، الشاب الديني الذي يمثل الجانب الروحي والديني في الفيلم.
ويجسد دانو الصراع بين المادة والروح بشكل مؤثر، حيث يتواجه إيلي مع دانيال في معركة شرسة على السلطة والنفوذ.
الصراع بين الشخصيتين ليس فقط صراعًا على السلطة والنفط، بل هو أيضًا صراع على الروح والقيم.
بول توماس أندرسون يقدم من خلال هذا الفيلم عملاً إخراجيًا رائعًا، يعكس فيه براعته في التعامل مع الموضوعات الثقيلة والمعقدة.
ويتميز الفيلم بتصوير سينمائي مذهل للمصور روبرت إلسويت، الذي استخدم الضوء والظل بشكل فني لإبراز التوترات الداخلية والخارجية للشخصيات
تتميز لقطات الفيلم بالتركيب البصري المتقن، حيث يركز إلسويت على المناظر الطبيعية القاسية التي تعكس حالة الشخصيات الداخلية.
كما تم استخدام الألوان الداكنة والخافتة لتعزيز الشعور بالظلامية والفساد الذي يسيطر على العالم الذي يتحرك فيه دانيال بلاينفيو.
أما جونى غرينوود، عضو فرقة “راديوهيد”، فقد قدم موسيقى تصويرية مميزة تساهم بشكل كبير في تعزيز أجواء الفيلم.
الموسيقى تميزت بكونها غير تقليدية، حيث دمجت بين الأصوات المزعجة والألحان الكئيبة، مما عكس التوتر الداخلي للشخصيات وعزز من شعور الانزعاج والاضطراب.
الموسيقى كانت تعمل كعنصر إضافي للقصة، حيث تساهم في نقل الحالة النفسية للشخصيات وتكثيف اللحظات الدرامية.
والألحان المتكررة ساهمت في خلق شعور بالدوام والتكرار، ليصل إلى المشاهد دورة الطمع والفساد التي لا تنتهي.
ما الهدف من فيلم سيكون هناك دم؟
يستكشف فيلم “There Will Be Blood” العديد من الثيمات المعقدة، مثل الطمع، السلطة، الدين، والعزلة، وكان دانيال بلاينفيو هو تجسيد للطمع البشري في أقصى حالاته، حيث يظهر الفيلم كيف يمكن للرغبة في الثراء والسيطرة أن تدمر الإنسان من الداخل وتجعله يفقد إنسانيته.
الصراع بين دانيال وإيلي كان يمثل الصراع الأبدي بين المادة والروح، بين القوة الجسدية والسلطة الروحية، ومن خلال هذه الديناميكية، عرض الفيلم نقدًا للفساد الذي يمكن أن ينشأ عندما يتداخل الدين مع السلطة والطمع.
الفيلم يستكشف أيضًا فكرة العزلة، حيث نجد أن دانيال، رغم نجاحه وثروته، يعيش حياة مليئة بالوحدة، وهذه العزلة تبرز بشكل أكبر في النهاية، حيث يصل دانيال إلى قمة السلطة، ولكنه يجد نفسه في نهاية المطاف وحيدًا ومنعزلًا عن كل شيء كان يعتقد أنه يريده.
ويُعتبر “There Will Be Blood” واحدًا من أهم الأفلام السينمائية في العقد الأخير، وذلك بفضل عمقه، وجرأته في استكشاف النفس البشرية والطمع.
الفيلم لا يقتصر على كونه قصة عن الطمع والنفط، بل هو دراسة متعمقة في النفس البشرية والصراع الداخلي الذي يمكن أن ينشأ عندما يسعى الإنسان خلف تحقيق مجد السلطة بأي ثمن.
كما يترك أثرًا دائمًا على مشاهديه، ويثير العديد من التساؤلات حول طبيعة الإنسان وما يمكن أن يحدث عندما يتم إطلاق العنان للطموح دون قيود.
في نهاية المطاف، There Will Be Blood هو فيلم يتحدى المشاهدين ويحفزهم على التفكير في القيم التي تحكم حياتهم والحدود التي يمكن أن يصلوا إليها من أجل تحقيق أهدافهم.
