مقالات

عندما تم بيع نادي “ريكرياتيفو هويلفا” مقابل يورو واحد.. ما القصة؟

في عالم كرة القدم، حيث تتحول الأندية إلى مؤسسات تجارية تُقدَّر قيمتها بالمليارات، تبدو قصة بيع أقدم نادٍ في إسبانيا، ريكرياتيفو هويلفا، مقابل يورو واحد، والتي وقعت في شهر مارس 2018، وكأنها حكاية من زمن آخر.

لكن القصة حقيقية، وتعكس مدى القسوة التي فرضتها قوانين الاحتراف على اللعبة والأندية العريقة التي تعجز عن مجاراة متطلبات السوق الحديث وتفشل في تطوير منشآتها وتعدد مداخيلها.

عندما أسقط “هويلفا” ريال مدريد في البرنابيو

في 20 ديسمبر 2006، وقف ملعب سانتياغو برنابيو شاهدًا على واحدة من أكبر مفاجآت الدوري الإسباني، عندما أسقط ريكرياتيفو هويلفا فريق ريال مدريد بثلاثية نظيفة في عقر داره.

لم يكن فوزًا عاديًا لرفاق سانتي كازورلا المعار من فياريال آنذاك، فقد كان أمام فريق مدجج بالنجوم، يضم أسماءً مثل إيكر كاسياس، روبرتو كارلوس، بيكهام، راول، رونالدو نازاريو، ورود فان نيستلروي. ومع ذلك، نجح النادي الأندلسي المتواضع في قلب التوقعات وتحقيق فوزه التاريخي.

شعار ريكرياتيفو هويلفا أقدم ناد كرة قدم في تاريخ إسبانيا
شعار ريكرياتيفو هويلفا أقدم ناد كرة قدم في تاريخ إسبانيا

ريال مدريد، رغم تلك الهزيمة، واصل موسمه بقوة وتوج بلقب الدوري الإسباني في نهاية المطاف تحت قيادة فابيو كابيلو، ثم بدأ رحلة بناء إمبراطوريته المالية، ليصبح اليوم النادي الأكثر تتويجًا بدوري أبطال أوروبا برصيد 15 لقباً، وصاحب أعلى الإيرادات في العالم.

إلا أننا على الجانب الآخر، شاهدنا ريكرياتيفو هويلفا يسير في الاتجاه المعاكس تماماً، نحو الانهيار التام منذ العبوط للسيغوندا، حتى وصل به الحال إلى الحضيض ليباع بيورو واحد.

129 عامًا من التاريخ تباع بيورو واحد

بعد 12 عامًا من ليلة البرنابيو الشهيرة، وفي مارس 2018، كانت الأوضاع تغيرت تمامًا، فقد أعلن مجلس مدينة هويلفا أن النادي المتأسس عام 1889 كأول فريق كرة قدم في إسبانيا، سيتم بيعه لشركة “يورو ساموب” مقابل يورو واحد فقط. السبب؟ ديون متراكمة بلغت 7.6 مليون يورو، لم يتمكن النادي من سدادها، ما دفعه إلى حافة الإفلاس.

هذا المصير لم يكن مفاجئًا تمامًا، فقد بدأ انهيار النادي منذ هبوطه من الدوري الإسباني الدرجة الأولى لكرة القدم، ورغم تحقيقه إنجازًا تاريخيًا باحتلال المركز الثامن في الليغا في أحد المواسم، إلا أن تراجعه استمر حتى سقط إلى دوري الدرجة الثالثة.

وحتى محاولته لكتابة صفحة ذهبية جديدة في كأس الملك 2003 انتهت بالفشل، عندما خسر النهائي أمام ريال مايوركا.

الاحتراف لا يعترف كثيراً بالماضي

كرة القدم الحديثة لا تمنح أي امتيازات للتاريخ أو الأمجاد القديمة في عالم يتحكم فيه المال، يصبح البقاء في القمة مرهونًا بالقدرة على الاستثمار الصحيح، وإدارة الأندية ككيانات اقتصادية ضخمة.

ريكرياتيفو هويلفا، رغم كونه النادي الذي شهد بدايات كرة القدم في إسبانيا، لم يكن استثناءً لهذه القاعدة، فقد سقط ضحية الديون وسوء الإدارة، ليتحول من فريق صنع التاريخ إلى مجرد أصل يُباع مقابل يورو واحد.

في النهاية، هذه القصة ليست مجرد حكاية عن نادٍ عريق أفلس، بل درس قاسٍ لكل من يعتقد أن الذكريات وحدها يمكنها أن تضمن الاستمرارية في كرة القدم الحديثة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى