فاصل فني | الرقص مع بشير.. الفيلم الإسرائيلي الوحيد الذي يستحق المشاهدة
في سبتمبر 2024، يمرّ علينا 42 عامًا منذ مجزرة “صبرا و شاتيلا” في لبنان إبّان الحرب الأهلية اللبنانية، وتناول صناع السينما العربية والعالمية هذا الحدث المروع بأكثر من طريقة على مدار هذه السنين، حتى ظهر فيلم الرقص مع بشير أو Waltz with Bashir للمخرج الإسرائيلي آري فولمان.
قدم فولمان فيلماً لا يمكن إغفاله، رغم الغصة التي ستشعر بها كونه منتج صهيوني جاء من عدوك المباشر، لكن الفيلم التسجيلي المصمم بطريقة الرسوم المتحركة “روتوسكوب”، وأنتج عام 2008، قد يكون الفيلم الإسرائيلي الوحيد الذي تستطيع مشاهدته بالفعل.
المقطع الأول من اسم الفيلم “فالس” هو أحد الإيقاعات الموسيقية الذي تحول إلى رقصة شهيرة، و البشير هو بشير الجميل قائد ميليشيا اللبنانية والمنتخب كرئيس للبنان في الثمانينات كاسم معبر عن الأحداث بشدة.
الفيلم كسيرة ذاتية يروي خلاله المخرج “آري فولمان” قصته هو، عندما شكا له زميل في الجيش الإسرائيلي شارك في إجتياح لبنان عام 1982، إنه يحلم بـ 26 كلب يركضوا خلفه.
لماذا 26 كلباً؟ لأنه أثناء اجتياح قوات الاحتلال الإسرائيلي كانت مهمته هي قتل الكلاب الضالة التي تنبه الفلسطينيين بوجود غرباء خارج خيامهم.
كابوس فولمان
يتذكر فولمان كابوسه الخاص الذي كان يزوره في كل ليلة، ويرى فيه نفسه يعوم في البحر في ليلة ظلماء، ويخرج على ساحل بيروت أمام أضواء الشاطئ.
ويكتشف فولمان أنه لا يتذكر أي شيء عن الحرب، وهو ما يدفعه نحو الذهاب إلى زملائه من أيام التجنيد، والسفر إلى بعضهم كي يتذكر الفترة التي تسربت من ذاكرته.
بعد الكثير من الحوارات و المقابلات التي تجله يتخيل مثلًا في إحدى المرات أنه يسافر هولندا لأحد زملاء الحرب القدامي، والذي أنشأ مشروعه الخاص، مطع لبيع الفلافل في أمستردام، كل هذا كي يتذكر أي شيء مما مضى.
ويتمكن في النهاية من معرفة ما أصابه بأنه تعرض لفقدان ذاكرة محدود، لكنه لم يستوعب سر نسيان تلك الذكرى تحديداً من خياله بهذا الشكل المطلق (الاجتياح).
في نهاية المطاف، علم فولمان أنه كان من ضمن قوات إسرائيل لتأمين الكتائب اللبنانية التي ارتكبت مذابح ضد الفلسطينيين انتقاما لاغتيال “بشير الجميل” والذي اعتقد اللبنانيون وقتها أن المصلحة في قتله لا تؤول إلا للفلسطينيين دون شك.
بعد انتهاء الكتائب و دخول فولمان المعسكرات، وجد جثث القتلى فوق بعضها البعض ورائحة الموت تزكم الأنوف، وتأكد وقتها أن مشهد مثل هذا المشهد كفيل يسلبه ذاكرته كلها للأبد.
نظرة إسرائيل
ناقش الفيلم النظرة الإسرائيلية للمجزرة، نظرتهم إلى أقسى وأبشع جريمة أُرتكبت ضد مدنيين فى تاريخ العالم الحديث -قبل 7 أكتوبر 2023 بكل تأكيد-.
مجزرة مخيمي “صبرا” و “شاتيلا” استمرت 3 أيام بلياليها، والقتل فيها كان على الكيف. حزب الكتائب اللبناني قام بالتنفيذ، بينما وقف جيش لبنان الجنوبي في نفس الصف مع الصهاينة مطوقين المخيمين ويقوموا بحماية القتلة، و إنارة المخيم في الظلام الدامس من خلال القنابل المضيئة.
انتهى كل شيء بتصفية 3500 شهيداً، أُستخدم في قتلهم أنواع عدة من الأسلحة بدءًا من السلاح الأبيض.. وتعددت أساليب القتل مثلما كنا نقرأ أيام الجاهلية، ما بين بقر البطون و قطع الأثداء، وقتل أي طفل بضرب رأسه في أي سور.
المحكمة الإسرائيلية العليا بعد شهرين من المجزرة أمرت بكل صرامة بفتح تحقيق عبر لجنة خاصة.. وفي فبراير 1983 أدين “إرييل شارون” وزير الدفاع وقتها، لأنه حسب المحكمة كان يعلم بالمجزرة و لم يقف حائلًا ضد وقوعها.
ورفض “شارون” قرار اللجنة، لكنه استقال من منصبه كوزيرًا للدفاع منذ 42 سنة العالم كان يعتقد إنه حضر أكبر مذبحة إنسانية على الإطلاق، لكن من بعد يوم 7 أكتوبر 2024 لم تصبح كذلك.. فالتاريخ تغير!
اقرأ أيضاً