استكشف ملعب أولد ترافورد.. مسرح أحلام مانشستر يونايتد “جنة مات بسبي”
ملعب أولد ترافورد معقل مانشستر يونايتد المعروف بـ “مسرح الأحلام” كما لقبه السير بوبي تشارلتون، أو جنة الشياطين الحمر كما أسماه السير مات بازبي أسطورة مدربي النادي العريق.
لم يحصل الملعب على وصف “مسرح الأحلام” من أسطورته بوبي تشارلتون، من فراغ فقد كانت مدرجاته شاهدة على بطولات تغيرت وجهتها في الثواني الأخيرة إلى اليونايتد، وعاش قصة تتويجات لا تنسى بعد الحادث الأليم لطائرة النادي في ميونيخ عام 1958.
ويعتبر ملعب أولد ترافورد أكبر ملاعب الأندية الإنجليزية بسعة تتجاوز الـ 73 ألف متفرج، ومنذ بداية عهد البريمييرليغ في 1992 ومع خضوعه للتوسيع والتطوير صار أكثر ملعب يشهد حضوراً جماهيرياً لمباريات الدوري والكأس في بريطانيا.
وفي سياق هذا التقرير يأخذكم “ميركاتو تايم” في رحلة مع ملعب أولد ترافورد منذ تاريخ تأسيسه وكافة تفاصيله من الخارج والداخل.
تاريخ تأسس ملعب أولد ترافورد
خضعت مسيرة مانشستر يونايتد للعديد من التحولات التي يمكن التعرف عليها من خلال تاريخ ملعبه، ففي عام 1909 قرر الرئيس الجديد للنادي جون هنري ديفيز تأسيس ملعب يليق بإنجازات الفريق الذي كان يحمل اسم وشعار السكك الحديدية نيوتن هيث، خاصة وأن الملعبين نورث رود وبانك ستريت كان غير صالحان لاستقبال الفعاليات الكبرى بالنظر إلى حالة العشب وسعة المدرجات آنذاك.
وتم العمل على إنشاء ملعب أولد ترافورد الواقع في منطقة ترافورد بمدينة مانشستر في بداية القرن الـ 20، وتم افتتاحه كما كان متوقعاً عام 1909.
انطلقت مسيرة الملعب بعد أشهر معدودة من تدشينه بمواجهة مانشستر يونايتد ضد غريمه التقليدي وعدوه اللدود ليفربول في 19 فبراير 1910 ضمن منافسات الدوري الإنجليزي الدرجة الأولى، وكان لقاءً مثيراً انتهى بفوز ليفربول بنتيجة 4-3، حضره 45 ألف متفرج، وسجل لليفربول أرثر جودارد وجيمي ستيوارت (هدفان لكل لاعب)، بينما أحرز ثلاثية يونايتد توماس هومير وجورج ووال وساندي تورنبول.
كم تكلفة بناء ملعب أولد ترافورد؟
مثل بناء أولد ترافورد عبئاً مالياً بالنظر إلى التصميم المستهدف والذي وقع تحت إدارة المهندس المعماري الاسكتلندي أرتشيبالد ليتش المتخصص في عالم تصميم الملاعب ببريطانيا.
في بداية الأمر تم اقتراض مبلغ 60 ألف استرليني لتنفيذ عملية البناء، ثم احتاجت الإدارة إلى مبلغ إضافي وصل لـ 30 ألف من أجل استكمال المشروع، وهو ما دفع إلى تقليل عدد المدرجات من 100 ألف متفرج إلى 80 ألف متفرج.
وكان يعد الملعب الأفضل في العالم خلال فترة تأسيسه، حيث كان يشمل ملحقات غير موجودة في باقي الملاعب البريطانية الأخرى، إلى جانب سعة المدرجات والجودة العالية للعشب الطبيعي.
ويمكن تقسيم المحطات التاريخية في ملعب أولد ترافورد على صعيدين، الأول هو الإنشائي والذي اتسم بعدة تحديثات وتطوير على سنوات مختلفة والثاني هو المباريات الكبرى والأحداث غير المتوقعة.
وفي عام 1936 قامت إدارة النادي بإضافة سقف للملعب بلغ طوله 80 ياردة في الجهة الشمالية من الملعب بقيمة 35 ألف جنيه إسترليني، وكان وقتها حدث فريد من نوعه وغير مسبوق في ملاعب كرة القدم، وهي الفكرة التي عُممت فيما بعد على عدة ملاعب بل ودفعت أندية لترك ملاعبها وبناء ملاعب جديدة يحاكي نفس تصميم أولد ترافورد الذي عرف أيضاً إضافة أسطح على الجهة الجنوبية منه في عام 1938.
أولد ترافورد وقنابل الألمان
تعرض الملعب للقصف بالقنابل من قبل قوات الجيش الألماني خلال الحرب العالمية الثانية وبالتحديد في 11 مارس عام 1941.
وتهشمت معظم مباني الملعب خاصة الجهة الجنوبية ليصبح بحاجة إلى عملية تطوير وإعادة هيكلة للأجزاء المفقودة.
وقاد رئيس النادي جايمس غيبسون خطة إعادة بناء الملعب الجديد بتنفيذ محاولات ضغط على على هيئة عُرفت بـ (هيئة أضرار الحرب).
وتكفلت الهيئة بتسديد مبلغ 4,800 جنيه إسترليني لإزالة الحطام بالإضافة لدفعها مبلغ 17,478 جنيه إسترليني لإعادة بناء المدرجات التي هوجمت من قبل قوات أدولف هتلر.
وأقيمت مباريات مانشستر يونايتد خلال تلك الفترة على ملعب جاره مانشستر سيتي ماين رود مقابل 5000 ألف جنيه في الموسم ونسبة من عوائد تذاكر المباريات.
وتعرضت إدارة النادي لمشاكل مالية كبيرة حيث أصبحت مديونة لمانشستر سيتي بنحو 15 ألف جنيه إسترليني مع استمرار عمليات البناء.
عودة إلى أولد ترافورد بعد غياب 10 سنوات
ابتعد مانشستر يونايتد عن أولد ترافورد لمدة 10 سنوات كاملة وهو ما جعل المباراة الأولى له بعد البناء بمثابة افتتاح جديد وعناق تاريخي مع جماهيره.
وعاد النادي إلى ملعبه من خلال مواجهة بولتون واندرز في 24 أغسطس عام 1949 تحت أنظار نحو 42 ألف متفرج وحقق حينها الشياطين الحمر الفوز بثلاثية دون رد.
واستعاد الملعب هيئته القديمة في عام 1951 بعد بناء الجهة الرئيسية للمدرجات، مع تغطية الجهات الثلاثة الأخرى والتي انتهت تماما عام 1959 مع تخصيص 40 ألف جنيه إسترليني لإضافة الأضواء الكاشفة واضحة بغرض استضافة المباريات الأوروبية ليلاً.
وعرف الملعب مواجهات الأضواء الكاشفة للمرة الأولى خلال مباراة مانشستر يونايتد وبولتون في دوري الدرجة الأولى يوم 25 مارس 1957.
أولد ترافورد في كأس العالم 1966
شهدت تحديثات الاستعداد لاستقبال مباريات كأس العالم 1966 إعادة تصميم الملعب في الناحيتين الشمالية والشرقية، وتمت إزالة الأعمدة الداعمة للسطوح في سنة 1965 واستبدلت بسطوح مائلة جديدة كي يستطيع جميع المتفرجين رؤية الملعب بوضوح من دون عوائق.
وأجرت الإدارة تعديلا على المدرجات المخصصة لجماهير يونايتد لتتسع لعشرين ألف متفرج (10,000 مقعد و 10,000 يقفون في الأمام) بقيمة 350,000 جنيه إسترليني.
وعانت إدارة مانشستر يونايتد من انتقادات لاذعة خلال حقبة السبعينيات بسبب تراجع مستوى الفريق فضلاً عن هبوطه، لتقوم الإدارة ببناء سور حول الملعب بعد حادثة حذف سكين في سنة 1971.
وفي عام 1973 أصبح السطح كاملا بشكل دائري حول الملعب، مع إضافة 5,500 مقعد جديد وتبديل شاشة النتيجة القديمة بشاشة إلكترونية جديدة في الجهة الشمالية الشرقية.
وعرف الملعب توسعة كبيرة نسبية في عام 1975 إضافة جناح في الجهة الرئيسية منه يحتوي على مطعم مطل عليه، وبعد 10 سنوات تكبير الربع الجنوبي الشرقي منه، بعد إزالة مكاتب إدارة النادي، لتتم زيادة عدد المقاعد في الملعب لتصل إلى 25,686 مقعدا (56,385 كعدد كلي).
التحول إلى مقاعد وشراء حديقة
تحولت مدرجات الملعب إلى مقاعد خلال فترة التسعينيات بميزانية بلغت 5 ملايين جنيه إسترليني بعد اقتراح من تقرير تايلور والحكومة الإنجليزية مع تقليل السعة إلى 44,000 متفرج فقط.
وجاءت استضافة إنجلترا لبطولة كأس الأمم الأوروبية 1996 بتحديثات جديدة حيث وقام النادي بشراء حديقة ترافورد البالغة مساحتها 20 فدانا بمبلغ 9,2 مليون جنيه إسترليني في مارس 1995، وهو ما سمح برفع استيعاب الملعب إلى 55,000 متفرج.
ونفذت إدارة مانشستر يونايتد خطة تحديث وتوسعة خلال الفترة من منتصف 2005 وحتى 2006 ليقترب من 75 ألف متفرج.
مرافق ملعب أولد ترافورد
يضم ملعب أولد ترافورد عدد من المرافق أبرزها المطاعم والمقاهي وساحات انتظار السيارات فضلا عن مراكز التسويق مع توفير فرصة إعداد حفل عيد ميلاد أو مناسبات أخرى.
ولا يمكن تفويت فرصة زيارة المتحف الذي يسرد أبرز إنجازات النادي وأساطيره بالمجسمات والصور والأفلام الوثائقية.
كما يحرص الزوار على التقاط الصور بجوار تمثال الاسكتلندي سير مات بسبي الذي قاد الفريق فنياً خلال الفترة من 1945 وحتى 1969.
وقدم مات بازبي أو بسبي قفزة تاريخية على صعيد البطولات حيث توج بـ 5 ألقاب للدوري، ولقبين للكأس الإنجليزية، و5 ألقاب للدرع الخيرية، وكأس أوروبية واحدة.
كما تظهر 3 تماثيل خارج أولد ترافورد، دائماً ما تجذب انتباه الزوار نظرا لتصميمهم البارع رفقة الكرة، والمكون من الثلاثي التاريخي في حقبة الستينيات “جورج بيست ودينيس لو وبوبي شارلتون”.
كما لا يمكن نسيان تمثال الأسطورة السير أليكس فيرغسون الذي تم تشييده قبل اعتزاله للتدريب بسنة، في عام 2012، مع تسمية الواجهة الرئيسية داخل الملعب باسمه وتسمية أحد الشوارع المحيطة بالملعب باسمه تقديراً لدوره في حصد الكثير من البطولات المحلية والقارية خلال فترة عمله الطويلة.
مباريات تاريخية على ملعب أولد ترافورد
دائما ما يكون ملعب أولد ترافورد مرشحا لاستقبال المباريات الكبرى مثل الأدوار النهائية في كأس إنجلترا بوصفه ملعباً محايداً، وكان معقل المنتخب الإنجليزي خلال فترة تجديد ملعب ويمبلي لعل أبرزها مباراة التأهل إلى كأس العالم 2002 عندما سجل ديفيد بيكهام هدف التعادل من ركلة حرة مباشرة في الدقيقة 93 أمام منتخب اليونان.
كما استضاف الملعب نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2003 الذي انتصر فيه ميلان على يوفنتوس بفارق ركلات الترجيح، بالإضافة لمباريات في كأس الأمم الأوروبية يورو 1996، وبطولة كأس العالم لكرة القدم عام 1966.
وتتعدد استخدمات الملعب بعد غزو السياح للمدينة في سنوات تألق الفريق، حيث بدأ يستقبل منافسات أخرى مثل كرة القدم النسائية ونهائي كأس العالم للرجبي والحفلات الغنائية.
اقرأ أيضاً: